الليدي جودفيا.. قصة العاارية التي أنقذت شعبها

تصوّر لوحة “جودفيا” امرأة عاارية تمامًا كواحدة من الولائد، ولها شعر طويل أحمر يغطي ظهرها، في حين تقعد على فرس، تعبر عن كونها فرس امرأة نبيلة، وتمشي في وَسَط المدينة المهجورة.

ليست لوحة جودفيا تمامًا من ابتكار الرسام. فقد شاهد رؤيته امرأة عاارية تركب حصانا وقد استوحى هذا المشهد من واقع تاريخي حقيقي.

رسم الفنان جون كوليير لوحة السيدة جودفيا في عام 1898، ولقد تم رسم العديد من النسخ المختلفة منها، ولكن النسخة الأساسية لا تزل تُحتفظ بها في بلدة كوفنتري ببريطانيا، حيث جرت تلك الحادثة الشهيرة التي أصبحت محور اهتمام الشعب الإنجليزي.

تعود القصة إلى القرن الحادي عشر، حيث عاشت امرأة نبيلة تُدعى جودفيا، وكانت تنتمي إلى قبيلة إنجلوسكسونية ساكنة في بريطانيا في ذلك الوقت. تزوجت من ليوفرك إيرل لميرسا، سيد مقاطعة كوفنتري. اسم جودفيا مستمد من اللاتينية “Godgifu” الذي يعني “هدية الله”.

انتشرت المعرفة بأن جودفيا هي امرأة شريفة تميل لمساعدة الفقراء، ومتدينة بشدة، وقد قدَّمت تبرعًا كبير للغاية حيث اهتمت بشراء قطعة أرض وأقامت عليها بناءً.

تم بناء كنيسة فيها لغرض الصلاة، وتم التبرع بالأرض وجميع الأعمال الإنشائية والزخرفة الفاخرة. ورغم أنها تمتلك جذورًا عريقة إلا أنها كانت خجولة للغاية، وتزوجت من سيد لديه سمعة قاسية، حيث زاد الضرائب والإتاوات على شعب المنطقة، مما جعله يشبه حكام العصور الظلامية في أوروبا.

طالبت جودفيا زوجها بتخفيض الضرائب عن الشعب، ولكن لم يكن هناك اهتمام بنداءاتها. بسبب مكانتها النبيلة، حاول زوجها أن يفرض سياسته عليها وجعل منها لُعْبَة، حيث اقترح عليها أن يخفض الضرائب إذا جرؤت على السير عاارية في وَسَط المدينة. وهذه المحاولة تهدف إلى تركها والتخلص منها، حيث كان يدري أنها لن توافق بسبب خجلها وورعها الديني.

ومع ذلك، كانت دافع جودفيا، الذي دفعها لإنقاذ هؤلاء الفقراء، أشد قوة من أي شيء، لذا قررت الاستفادة من نفوذها وحب المواطنين لها، وبعثت برسالة تطلب منهم البقاء في منازلهم في وقت محدد وعدم التحرك أو النظر من نوافذهم. ثم خرجت منزعة الملابس وجالت في المدينة على حصان ومصحوبة بحارسيها، متخذة إجراءات لتغطية جسمها بشعرها الطويل والحفاظ على عوورتها، من أجل تحقيق رغبة زوجها في التوقف عن فرض الضرائب.

خطفت يوفريك بتعجب من وزيره الذي تقدم نحوه، حيث نقل له بأن السيدة الشريفة ظهرت عاارية في شوارع المدينة، وقد ذلك في اليوم الذي تقام فيه السوق، وعندما خرج يوفريك إلى المدينة وجدها مهجورة، حيث جميع الأبواب مغلقة والنوافذ موصدة تكريمًا للسيدة التي تضحي من أجلهم، وفي نتيجة ذلك، قام السيد بإلغاء الضراب.

يحكي التاريخ أن شخصًا واحدًا، توم الخياط، جرب أن ينظر إلى جودفيا يومًا ما، وفعل ذلك فعلًا. بعد ذلك، أصبح معروفًا بتوم مختلس النظر Peeping Tom، و تعرض للعمى بعد أن رأى جودفيا عاارية.

لا يزال سكان المدينة يحتفلون بالحدث ويعملون موكب، حيث تم بَدْء هذا التقليد في عام ١٦٧٧ ويستمر حتى اليوم، وتم فيه تجسيد شخصية توم المختلس باستخدام تمثال خشبي من البلوط. يروي الموكب القصة بالكامل، وفي الوقت نفسه، تمثل امرأة جودفيا التي كانت في الماضي تجسدها رجل يركب حصانًا أبيض. ولا تزال مدينة كونتفري تحتفظ بتماثيل جودفيا حتى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!