الأب والإبن

في بداية الحديث يجب أن نشير إلى أن تلك الحكاية التي سنقصها عليكم، من أجمل الحكايات وأكثرها تشويقاً ومتعة ، حكاية تمس القلب وتثير الشعور و تلهب الوجدان، وهي نموذج للتضحية و الإيثار وتفضيل النفس على الغير، فتابعونا : يحكي أن هناك رجلاً يسمى جيمس، كان متزوج ولديه ابن واحد فقط يسمى سون، وكان يسكن مع زوجته في القرية، أما ابنه سون فكان يسكن في المدينة، وذات يوم أشتاق الأب لرؤية ابنه سون فقرر السفر إلى المدينة، وبعدما وصل الأب لمقر سكن ابنه، تفاجأ الأب بشخص آخر غير ابنه يفتح له الباب، فسأله أين ابنه سون ؟ فقال له:

 

 

 

أن سون انتقل من هذا السكن إلى سكن آخر، فتواصل الأب مع الجيران وعرف منهم عنوان ابنه الجديد، وعنوان مقر عمله، وبعد ذلك ذهب جيمس إلى مقر عمل ابنه، وطلب من موظف الاستقبال أن يبلغ ابنه بمجيئه، 

وكان الابن في غاية السعادة بعدما علم بمجيء والده، وأمر الموظف بأن يحضر له والده في مكتبه على الفور، وعندما رأي الابن والده عانقه بشدة، ثم جلسوا ليتحدثوا، وبلغ الأب ابنه سون أن أمه تشتاق لرؤيته اليوم، وطلب منه أن يسافر معه، ولكن الابن رفض وقال له أنه لا يستطيع أن يسافر معه لأنه لديه كثير من الأعمال، شعر الأب بالخذلان قليلاً ولكنه تبسم في وجه ابنه، وقال له: لا بأس يا بني أكمل عملك وأنا سأعود للقرية في المساء، ونتمنى رؤيتك في أي وقت عندما تنتهي من أعمالك، ثم عاد الأب إلى القرية.

وفي خلال بضعة أيام شعر الابن بالذنب اتجاه والده لأنه لم يسافر معه، فقرر أن يذهب لوالديه في يوم إجازته، وبعد وصول الابن للقرية لم يجد والديه في منزلهم واشتد قلقه عليهم، وبدأ يسأل الجيران عنهم، حتى أخبره أحدهم أنهم تركوا المنزل وانتقلوا إلى مسكن آخر، وظل الابن يبحث ويسأل إلى أن توصل لعنوانهم الجديد، وعندما بدأ يقترب من هذا المكان وجده مظلم شبيه بالمقابر، و انصدم الابن من رؤية هذا المكان الذي يعيش فيه والديه، وبدأت علامات الحزن تظهر عليه، وأصبح في حالة من الذهول عندما تأكد أنه الشخص الذي يقف بين المقابر و يشاور له هو والده، وبدأ يبكي كثيراً و يعانق والديه بشدة لرؤيتهم في هذا الحال وفي هذا المكان الصعب، وسأله الأبُ لماذا تبكي بهذا الشكل يابني ؟ فلم يستطيع الابن الرد، فكرر الأبُ السؤال ثانياً ماذا حدث لكل هذا ؟ فرد الابن لماذا تركت القرية يا أبى وجئت أنت وأمي لتسكنوا في هذا المكان؟

فأجاب الأبُ : لقد اقترضت يا ولدي حتى استطيع سداد المصاريف الخاصة بدراستك و إقامتك في المدينة، ولكن حدث أمر خارج عن إرادتي فقد تلف المحصول ولم استطع تكملة سداد هذا القرض، وعندما زرتك في المدينة كنت سأحكي لك عن هذا الأمر ولكن وجدتك لديك كثير من الأعمال، و أردت ألا يزيد الضغط عليك، وقررت العودة لبيع المنزل وحل هذه المشكلة، فأنا يابني لا يهمني أي شيء غير أن أراك مرتاحاً و سعيداً في حياتك، وعندما سمع الابن هذا الكلام تأثر بشكل كبير و عانق والده بشدة وهو يبكي.

وظل يعتذر له كثيراً عما بدر منه في هذا اليوم الذي طلب منه والده أن يأتي معه ولم يأت، وطلب منه أن يسامحه ويرضى عنه، وكان رد الأبُ رائع ويحمل كل معاني الحنية والمحبة لابنه، حيث قال له لا تعتذر يابني فأنا سعيد للغاية برؤيتك وكل ما أتمناه أن تبقى معنا حتى ولو قليل من الوقت، وأخبره عن مدى حبه وحب والدته له، وأنهم ليس لديهم غيره في هذه الحياة، وكل أمنيتهم أن يروه سعيداً في حياته وأن يزورهم عندما يكون لديه وقت، فوعدهم الابن بأنه لن يتركهم أبداً، وسوف يبقون معه ويقوم برعايتهم للأبد. وفي نهاية هذا المقال نتمنى أن تكون هذه القصة نالت إعجابكم، دمتم بخير وسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!